مقال: هل ستقوم محكمة العدل الدولية بإصدار قرار بوقف الحرب؟!
عمل محكمة العدل الدولية: تم إنشاء محكمة لاهاي لمناقشة النزاعات بين الدول بالاتفاق، وربما أيضًا إعطاء رأي استشاري في مسائل مختلفة.

المحامي شادي الصح
وهذا ما أثار قلق إسرائيل مرتين في الماضي: المرة الأولى كانت عام 2004، عندما كان مطلوبا الحصول على رأي المحكمة في مسألة الجدار الفاصل ("الجدار") الذي بني آنذاك على الخط الأخضر، والمرة الثانية في العام الماضي، عندما طُلب الأمر في موضوع الاحتلال الإسرائيلي للمناطق (كان من المقرر إجراء مناقشة حول الموضوع في الشهر المقبل)
آلية انعقاد المحكمة
تنعقد المحكمة دائمًا بتشكيلة كاملة من 15 قاضيًا من جميع أنحاء العالم. تستغرق المناقشات في حد ذاتها بعض الوقت وربما تستمر لسنوات، لكن جنوب أفريقيا لم تطلب إصدار حكم من حيث المبدأ فحسب، بل طالبت أيضًا بإغاثة مؤقتة، والتي تم بالفعل تحديد موعد للمناقشات بشأنها في الأسبوع المقبل تحديدا يوم الخميس ومن الممكن منح مثل هذا التخفيف بسرعة نسبية، كما حدث في طلب مماثل قدمته أوكرانيا ضد روسيا في بداية الحرب بين البلدين.
الدعوى التي قدمتها جنوب افريقيا
تستند الدعوى القضائية في جنوب أفريقيا إلى اتفاقية منع الإبادة الجماعية لعام 1948، والتي وقعت عليها إسرائيل مع 142 دولة أخرى. تنص الاتفاقية على أنه في حالة حدوث نزاعات،يمكن لأي دولة اللجوء إلى المحكمة،عندما لا يكون مقدم الالتماس هو الذي تضرر،لأن الإبادة الجماعية هي مسألة عالمية (تدور مناقشة مماثلة حاليًا في الدعوى القضائية) المرفوعة من غامبيا ضد ميانمار). ولهذا السبب أيضاً ستظهر إسرائيل في الإجراءات ولن تقاطعها،فهي لا تستطيع إنكار التوقيع على المعاهدة وقد تتضرر إذا تجاهلت المناقشة.
على ماذا استندت جنوب افريقيا ؟
تم تقديم الشكوى الأسبوع الماضي بناء على ادعاء بأن إسرائيل "تستخدم القوة بشكل عشوائي وتقوم بالإبعاد القسري للسكان". وتورد الشكوى تفاصيل أعداد الأضرار التي لحقت بسكان قطاع غزة،بما في ذلك 21 ألف حالة وفاة،مع الإشارة إلى تقارير منظمة الصحة الدولية حول خطر المجاعة،وإلى نشاط جيش الدفاع الإسرائيلي في المراكز المدنية بما في ذلك المحاكم والمتاحف والمساجد. العمليات العسكرية في القطاع. والشكوى مقدمة تحت بند الإبادة الجماعية هي أخطر فئة من الجرائم الدولية. ويتم تعريفها على أنها أعمال تهدف إلى "تدمير جماعة قومية أو إثنية أو عنصرية أو دينية أو جزء منها".
يجب التنويه بأنه لم يكن بوسع جنوب أفريقيا أن تختار جريمة "أخف"،مثل الجرائم ضد الإنسانية، أو جرائم الحرب،وذلك لأن إسرائيل لم توقع إلا أمام المحكمة على اتفاقية منع الإبادة الجماعية،وبالتالي فإن هذه هي الجريمة الوحيدة التي ترتكبها.
هل يمكن اثبات جريمة الإبادة الجماعية موضوع الشكوى ؟
ان معيار إثبات الإبادة الجماعية هو الأعلى، ومن المشكوك فيه جداً أن تنجح جنوب افريقيا في اثبات هذا البند الذي هو بحاجة الى درجة اثبات تعد الأكبر.
هل القرارات الصادرة ملزمة ؟
خلافا لما يقوله البعض من عدم إلزامية قرارات محكمة العدل الدولية، فإن كافة القرارات والأوامر العاجلة مثل التي طلبتها جنوب أفريقيا من المحكمة إصدارها جميعها ملزمة لطرفي الدعوى، وحين تصدر المحكمة أية أوامر عاجلة بتدابير مؤقتة تحفظية ضد أي طرف من الدعوى فإن المحكمة تخطر فوراً مجلس الأمن وكافة الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة، وهم أعضاء أيضا في محكمة العدل الدولية، فهنا يمكن أن تذهب جنوب أفريقيا لمجلس الأمن وتطالبه باتخاذ ما يلزم تجاه ذلك.
تعيين القاضي أهارون باراك عضواً في المحكمة أثار العديد من التساؤلات
القرار الذي اتخذه نتنياهو بتعيين أهارون باراك ممثلاً للحكومة لدى محكمة العدل الدولية في لاهاي يستند إلى اعتبارين متناقضين ظاهرياً. الأول هو الاعتبار الموضوعي: يعتبر باراك الشخص المهني الأنسب لتمثيل إسرائيل بنجاح في لاهاي. ويبدو أن هذا الاعتبار يخلو من المصالح السياسية،باراك هو الزعيم الروحي للاحتجاج. وهو العدو اللدود لنتنياهو.
لقد عرف باراك دائما كيف يحافظ على حرية عمل الجيش، وكان يدافع عن المحكمة كلما شعر أن مكانته في خطر. ووفقا له، فإن المحاكمة لا تقل أهمية عن الجيش للدفاع عن الديمقراطية - والآن حصل على فرصة أخرى لإثبات ذلك.
ويمكن تعريف وجهة نظر باراك القانونية في هذا الشأن بأنها "نظرية التوازنات"،التي يجب فيها التمييز بين نوعين من الاعتبارات في اتخاذ القرار. الأول مهني - أسئلة مثل أين هو المكان المناسب لتمهيد الطريق أو ما هو مستوى الضريبة المرغوب فيه، وفي السياق العسكري: ما هي الوسائل التي يجب استخدامها لتحقيق هدف عملياتي. هذا الحكم متروك للمستوى المهني، لكن بحسب باراك فإن القرار المهني ليس بالضرورة «صحيحاً» ويجب فحص أثره وفق اعتبارات قيمية إضافية، تشمل بشكل أساسي ما يعرف بـ«حقوق الإنسان».
إن التوازن بين القرار المهني وانتهاك حقوق الإنسان هو عمل القاضي ، الذي عبر عن الأمر بهذه الطريقة: "أنا لست طبيبا، ولكن لدي الأدوات اللازمة لمعرفة متى كان الطبيب مهملا. أنا لست طيارًا، لكن لدي الأدوات اللازمة لمعرفة متى يكون الطيار مهملاً. أنا لست رئيس الأركان، ولكن لدي الأدوات اللازمة لمعرفة متى يؤدي رئيس الأركان واجباته بشكل غير صحيح. هذه مهنتي"
لقد تناول باراك كثيراً قضايا إدارة الحرب وحتى الأمور التكتيكية المتعلقة بإدارة المعارك أثناء حدوثها. لقد تدخل باراك بشكل مباشر في قرارات المستوى العسكري، مدعياً أن منع انتهاكات حقوق الإنسان يفوق الاحتياجات العملياتية. وألغى إجراء الجار الذي كان يهدف إلى حماية حياة المقاتلين؛ لقد حد من استخدام الإجراءات المضادة المستهدفة ضد الإرهابيين، وغير مسار الجدار الفاصل المصمم لمنع التسلل.
تنعقد الجلسة الأولى في محكمة العدل الدولية يوم الخميس القادم لسماع طعونات مقدمة الشكوى جنوب افريقيا ويوم الجمعة طعونات الجانب الاسرائيلي ومن ثم ستبت المحكمة في طلب اصدار أمر مستعجل لإيقاف الحرب.
من هنا وهناك
-
‘المسيحيون العرب في إسرائيل: قراءة هادئة في هوية تبحث عن شراكة عادلة‘ - بقلم : منير قبطي
-
‘الشخير الحاد وانقطاع التنفس الانسدادي‘ - بقلم : د. ناصر عزمي الخياط
-
القيادة الحقيقية.. ثقة ووضوح ودالة متجانسة صاعدة، لا تعرف اللون الرمادي ولا العيش في ‘الظل‘
-
‘العنف… حين يختنق المجتمع بصمته ومسؤوليتنا أن نعيد للناس حقهم في الأمان‘ - بقلم: رانية مرجية
-
عمر عقول من الناصرة يكتب: الى اين انتم ماضون بنا؟
-
مقال: ميزانية اسرائيل 2026.. اسرائيل تنتقل من الليبرالية العلمانية الى الدكتاتورية التلمودية! - بقلم: د. سهيل دياب
-
مقال: عملية ‘الأحجار الخمسة‘: دلالات العدوان على طوباس كمقدمة لإعادة تشكيل الضفة الغربية - بقلم : د. عمر رحال
-
‘ بين الواقعية السياسية ووحدة الموقف: اختبار الإرادة الفلسطينية ‘ - بقلم: محمد علوش
-
‘التهجير الصامت : الاحتلال يبتكر أساليب جديدة لتهجير الغزيين‘ - بقلم: د. حسين الديك
-
مقال: بين السلاح وإعادة الإعمار: الغزيون يطالبون بالحياة أولاً - بقلم: الصحافية لارا احمد





أرسل خبرا