‘التهيئة النفسية للأطفال قبل دخول الروضة أو المدرسة: مفتاح البداية المريحة‘ - مقال بقلم : هديل شلبي
الانتقال من البيت إلى الروضة أو من الروضة إلى المدرسة هو خطوة كبيرة في حياة الطفل، قد تبدو بسيطة للكبار لكنها مليئة بالمشاعر المعقدة بالنسبة للصغار. الطفل يواجه عالمًا جديدًا مليئًا بالوجوه المجهولة، القوانين المختلفة،
تصوير دورن سبكتور
والمسؤوليات الجديدة. وهنا تأتي أهمية التهيئة النفسية، التي تمنحه الشعور بالأمان والثقة وتساعده على التأقلم بسرعة أكبر.
التهيئة لا تقتصر على سن محدد. الطفل الذي يدخل البستان لأول مرة يحتاج نفس الدعم الذي يحتاجه طفل يدخل الصف الأول. في الحالتين، هناك فصل عن البيئة المألوفة واعتماد أكبر على نفسه، وهذا قد يولّد قلقًا أو توترًا إذا لم تتم مرافقته عاطفيًا.
الأطفال الذين يحظون بتهيئة نفسية مسبقة غالبًا يدخلون إلى الروضة أو المدرسة بروح متفائلة، يتقبلون الروتين الجديد بسهولة، ويبدؤون بتكوين صداقات وشعور بالانتماء بسرعة. أما غياب التهيئة فقد يظهر على شكل رفض صباحي للذهاب، بكاء طويل، أو حتى أعراض جسدية مثل آلام البطن والصداع، وهي كلها إشارات لقلق داخلي.
من أهم وسائل التهيئة النفسية التحدث مع الطفل عن مشاعره. من خلال الحوار الدافئ والاستماع لما يشعر به الطفل من حماس أو قلق، يستطيع فهم نفسه والتعبير عن مشاعره بطريقة صحية. عندما نسأل الطفل عن مشاعره ونساعده على تسميتها، مثل قوله "أنت خايف لأن المكان جديد، وهذا طبيعي"، نشعره بأن ما يشعر به مفهوم ومقبول. هذه الطريقة تعطي الطفل أدوات للتعامل مع مخاوفه وتخفف من التوتر النفسي.
ولا يمكن أن نتحدث عن التهيئة النفسية للأطفال دون التطرق إلى نفسية الأهل أنفسهم. فالأطفال يلتقطون مشاعر الوالدين بسهولة بالغة. إذا كان الأهل متوترين أو قلقين بشأن دخول ابنهم أو ابنتهم إلى الروضة أو المدرسة، فإن هذا القلق ينعكس مباشرة على الطفل ويزيد من مخاوفه. بالمقابل، عندما يُظهر الأهل حماسًا وطمأنينة ويتحدثون عن التجربة الجديدة بإيجابية، يشعر الطفل بالثقة ويستمد منهم الأمان.
دور الأهل في هذه المرحلة محوري. الاستماع لمشاعر الطفل، التحدث معه عن الروضة أو المدرسة بطريقة مشجعة، قراءة قصص مرتبطة بالتجربة، وزيارة المكان مسبقًا إن أمكن – كلها خطوات تساعد الطفل على تكوين صورة واضحة ومطمئنة. كذلك فإن إشراكه في التحضيرات مثل اختيار الحقيبة أو صندوق الطعام يعطيه إحساسًا بالمسؤولية والاندماج.
كما أن للطاقم التربوي دورًا مهمًا في عملية التهيئة. لقاءات تعريفية، أيام مفتوحة، وتعامل دافئ من المعلمة أو المربية في الأيام الأولى، كلها عوامل تساهم في تخفيف التوتر وتعزيز الثقة.
في النهاية، التهيئة النفسية هي استثمار في راحة الطفل ونجاحه. هي ليست فقط لتسهيل بداية السنة الدراسية، بل لتأسيس تجربة تعليمية إيجابية ترافقه سنوات طويلة. عندما يشعر الطفل بالأمان سواء في الروضة أو في المدرسة، ويُسمح له بالتعبير عن مشاعره، فإنه يفتح قلبه وعقله للتعلم والاكتشاف والنمو.
من هنا وهناك
-
مقال: عملية ‘الأحجار الخمسة‘: دلالات العدوان على طوباس كمقدمة لإعادة تشكيل الضفة الغربية - بقلم : د. عمر رحال
-
‘ بين الواقعية السياسية ووحدة الموقف: اختبار الإرادة الفلسطينية ‘ - بقلم: محمد علوش
-
‘التهجير الصامت : الاحتلال يبتكر أساليب جديدة لتهجير الغزيين‘ - بقلم: د. حسين الديك
-
مقال: بين السلاح وإعادة الإعمار: الغزيون يطالبون بالحياة أولاً - بقلم: الصحافية لارا احمد
-
‘الاستشراق الرقمي: كيف تصنع وسائل الإعلام الغربية شرقاً جديداً ؟‘ بقلم: الدكتور حسن العاصي
-
‘ تشريعات المرور بينَ الحَلْبِ والكسب وغياب العدالة ‘ - بقلم : المحامي عماد زايد
-
مقال: ‘المشتركة بين الشعبيّة والشعبويّة والشعب يريد! ‘ - بقلم : المحامي سعيد نفّاع
-
طلال أبوغزالة يكتب: وقف إطلاق نار أم اتفاق سلام؟ أم شيء آخر!
-
‘ العقل العاطفي بين الخالق والمخلوق وتجليّاته في الإنسان والحيوان ‘ - بقلم: سليم السعدي
-
عضو الكنيست د. سمير بن سعيد يكتب في بانيت: لماذا المشتركة الرباعية؟





أرسل خبرا