د. سهيل دياب من الناصرة يكتب : الخيارات الفلسطينية امام الاستراتيجيات الاسرائيلية !
إسرائيل، بقيادة نتنياهو وائتلافه اليميني، توصلت إلى استنتاجات جديدة بعد الحرب على غزة تتعلق بمسار تعاملها مع القضية الفلسطينية. والاستنتاج الأبرز هو انتقال إسرائيل من مرحلة "إدارة الصراع" إلى مرحلة "حسم الصراع"
د. سهيل دياب - تصوير موقع بانيت وقناة هلا
بهدف تصفية القضية الفلسطينية بشكل نهائي. فهناك خطوات استراتيجية تعتمدها إسرائيل في هذا السياق، أهمها:
1. محو الحدود بين مناطق "ا" و"ب" و"ج" في الضفة الغربية، وبسط النفوذ العسكري الإسرائيلي على جميع المناطق.
2. التركيز على مناطق "ج" التي تضم غالبية المستوطنين وعدداً محدوداً من الفلسطينيين، ما يسهل فرض السيطرة الإسرائيلية عليها.
3. تسهيل الهجرة للفلسطينيين سواء من خلال دفعهم للانتقال بين مناطق الضفة أو تهجيرهم إلى خارجها إذا توفرت الفرصة.
4. مقايضة إدارة ترامب القادمة بضم أجزاء من الضفة الغربية، وخاصة مناطق "ج"، إلى إسرائيل مقابل اي حل في المنطقة.
5. الانتقال الكامل لاولوية مواجهة الديموغرافيا الفلسطينية كتهديد للأمن القومي الاسرائيلي.
ان تنفيذ هذه الخطة يتطلب القضاء على أي كيان سياسي فلسطيني، وهذا ما تسعى إليه إسرائيل عبر تصعيد سياساتها الأمنية والعسكرية في الضفة الغربية بعد انتهاء الحرب على غزة. لقاءات نتنياهو الأخيرة مع الرئيس المنتخب دونالد ترامب كشفت عن مراجعات جديدة من قبل ترامب حول المنطقة، فقد طلب ترامب من نتنياهو عدم التسرع في ضم الضفة الغربية لتجنب إحراج الولايات المتحدة، مشيراً إلى ضغوط دولية متزايدة، خاصة بعد الحرب على غزة، التي جعلت القضية الفلسطينية محور اهتمام عالمي.
وفي ظل هذا المشهد المعقد، فان الخيارات أمام السلطة الفلسطينية ضيقة ولكنها جدية إذا ما تم استثمارها بالشكل الصحيح.
ان أول هذه الخيارات هو توسيع منظمة التحرير الفلسطينية لتشمل كافة القوى، بما في ذلك حماس والجهاد الإسلامي، تحت برنامج سياسي موحد يركز على حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967، بما يشمل الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية.
الخيار الثاني، هو تشكيل حكومة انتقالية موحدة تعكس وحدة الكلمة الفلسطينية، وتقدم نفسها للعالم كصوت موحد للقضية الفلسطينية.وفي حال تعذر تشكيل حكومة في الأراضي المحتلة، يمكن إنشاء "حكومة في المنفى" كخيار استراتيجي يضغط على الرأي العام العالمي، مستفيدين من الزخم الذي اكتسبته السردية الفلسطينية بعد الحرب الأخيرة على غزة.
اما الخيار الثالث، فيكمن في الانتقال إلى "الدبلوماسية الدولية المفتوحة والمرنة"، من خلال توسيع العلاقات مع كافة الأطراف الدولية والإقليمية، وعدم الاقتصار على المسار الأمريكي. والتعامل مع التطراف الدولية والمحاور الاقليمية بمدى قربها او بعدها عن القضية الفلسطينية وحقوق شعب فلسطين الوطنية في الحرية والاستقلال.فهنالك ضرورة بتعزيز الحضور الفلسطيني أمام الاتحاد الأوروبي، الذي تظهر بوادر اختلافات في موقفه عن الولايات المتحدة، إضافة إلى روسيا والصين والدول العربية والإسلامية.
وفي السياق الإقليمي، على الفلسطينيين تعزيز التعاون مع دول عربية مؤثرة، وعلى رأسها السعودية، نظراً لمكانتها التاريخية والسياسية والدينية والاقتصادية. اذ تشكل المملكة السعودية مفتاحاً لأي مشروع إقليمي، خاصة في ظل تزايد اهتمام الحور التركي والقطري بخطوط الغاز من الشرق الأوسط إلى أوروبا، كما أن السعودية تضع شرطاً رئيسياً أمام الامريكي لأي تسوية إقليمية بضرورة إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية.
وفي ما يتعلق بالوضع الإقليمي بعد الأزمة السورية، وتراجع دور محور المقاومة بقيادة إيران وحزب الله، مقابل صعود المحور التركي – القطري واستفادة إسرائيل والولايات المتحدة من الوضع الجديد، علينا الحذر من أن إسرائيل ستسعى خلال المرحلة المقبلة إلى تهدئة جبهتي لبنان وغزة للتركيز على الضفة الغربية وايران عبر سوريا. فإسرائيل تتخوف من "متلازمة الدومينو" ، ما سيدفعها لتصعيد إجراءاتها الأمنية في الضفة الغربية.
نجاح الفلسطينيين في توحيد صفوفهم وتغليب الأجندة الوطنية على أي اعتبارات إقليمية او فصائلية أو أيديولوجية، سيعزز الموقف الفلسطيني ويمنع إسرائيل من تحقيق أهدافها. فليس مطلوب من الفلسطيني ان يتبع اي من المحاور الاقليمية او يكوم جزءا منها، بل عليه ان يتعامل مع هذه المحاور بمدى قرب هذا المحور او ذاك من الحق الفلسطيني، وضمان المحافظة على استقلالية القرار الفلسطيني.
هذا المقال وكل المقالات التي تنشر في موقع بانيت هي على مسؤولية كاتبيها ولا تمثل بالضرورة راي التحرير في موقع بانيت .
يمكنكم ارسال مقالاتكم مع صورة شخصية لنشرها الى العنوان: bassam@panet.co.il
من هنا وهناك
-
‘العنف… حين يختنق المجتمع بصمته ومسؤوليتنا أن نعيد للناس حقهم في الأمان‘ - بقلم: رانية مرجية
-
عمر عقول من الناصرة يكتب: الى اين انتم ماضون بنا؟
-
مقال: ميزانية اسرائيل 2026.. اسرائيل تنتقل من الليبرالية العلمانية الى الدكتاتورية التلمودية! - بقلم: د. سهيل دياب
-
مقال: عملية ‘الأحجار الخمسة‘: دلالات العدوان على طوباس كمقدمة لإعادة تشكيل الضفة الغربية - بقلم : د. عمر رحال
-
‘ بين الواقعية السياسية ووحدة الموقف: اختبار الإرادة الفلسطينية ‘ - بقلم: محمد علوش
-
‘التهجير الصامت : الاحتلال يبتكر أساليب جديدة لتهجير الغزيين‘ - بقلم: د. حسين الديك
-
مقال: بين السلاح وإعادة الإعمار: الغزيون يطالبون بالحياة أولاً - بقلم: الصحافية لارا احمد
-
‘الاستشراق الرقمي: كيف تصنع وسائل الإعلام الغربية شرقاً جديداً ؟‘ بقلم: الدكتور حسن العاصي
-
‘ تشريعات المرور بينَ الحَلْبِ والكسب وغياب العدالة ‘ - بقلم : المحامي عماد زايد
-
مقال: ‘المشتركة بين الشعبيّة والشعبويّة والشعب يريد! ‘ - بقلم : المحامي سعيد نفّاع





أرسل خبرا