logo

مرصد عالمي للجوع: لم تعد هناك مجاعة في غزة بعد تحسن وصول المساعدات

تقرير رويترز
19-12-2025 19:27:35 اخر تحديث: 20-12-2025 05:27:54

الأمم المتحدة 19 ديسمبر كانون الأول (رويترز) - ذكرت مبادرة التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، أمس الجمعة، أنه لم تعد هناك مجاعة في قطاع غزة بعد تحسن وصول الإمدادات الغذائية الإنسانية والتجارية

في أعقاب التوصل إلى وقف إطلاق نار هش في 10 أكتوبر تشرين الأول في الحرب بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس).
ويأتي أحدث تقييم صادر عن التصنيف، وهو مرصد عالمي لمراقبة الجوع، بعد أربعة أشهر من إعلان المرصد أن 514 ألف شخص، أي ما يقرب من ربع السكان في غزة، يعانون من المجاعة. وحذر اليوم الجمعة من أن الوضع في القطاع لا يزال حرجا .

وقال التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي في التقرير "في أسوأ السيناريوهات، والتي تشمل تجدد الأعمال القتالية وتوقف التدفقات الإنسانية والتجارية، فإن قطاع غزة بأكمله معرض لخطر المجاعة حتى منتصف أبريل 2026. وهذا يؤكد الأزمة الإنسانية الحادة والمستمرة".

وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش إنه على الرغم من ابتعاد شبح المجاعة، فإن المكاسب تبدو هشة "إلى حد خطير".
وأضاف للصحفيين اليوم الجمعة "أصبح بإمكان عدد أكبر بكثير من الناس الحصول على الغذاء اللازم للبقاء على قيد الحياة"، لكنه استدرك قائلا "تتزايد الاحتياجات بوتيرة أسرع من قدرة المساعدات على الوصول".

إسرائيل ترفض نتائج التقرير
تسيطر إسرائيل على جميع منافذ الوصول إلى غزة. وفي أغسطس آب نفت وحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي وكالة تابعة للجيش الإسرائيلي مسؤولة عن تنسيق المساعدات، وجود مجاعة في غزة. وتقول الوحدة إن ما بين 600 و800 شاحنة تدخل غزة يوميا منذ بدء وقف إطلاق النار في أكتوبر تشرين الأول، وإن 70 بالمئة من هذه الإمدادات تشكل مواد غذائية. وتشكك حماس في هذه الأرقام وتقول إن عدد الشاحنات التي تصل إلى غزة يوميا أقل بكثير من 600 شاحنة.

ورفضت وحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق نتائج التقرير. وقالت "يعتمد التقرير على عمليات جمع بيانات بها ثغرات خطيرة وعلى مصادر لا تعكس النطاق الكامل للمساعدات الإنسانية. وبذلك، يُضلل المجتمع الدولي وينشر معلومات مضللة ويقدم صورة مشوهة للواقع على الأرض".

وأكدت وزارة الخارجية الإسرائيلية أن المساعدات التي تصل إلى غزة تفوق بكثير ما ورد في هذا التقرير وأن أسعار المواد الغذائية هناك انخفضت بشدة منذ يوليو تموز.
وأكدت منظمات الإغاثة مرارا الحاجة الماسة إلى وصول مساعدات أكبر بكثير إلى غزة، واتهمت إسرائيل بمنع دخول مواد تمس الحاجة إليها، وهو ما تنفيه إسرائيل، التي تقول إن كميات الطعام التي تدخل إلى غزة تفوق احتياجاتها بكثير وإن المشكلة تكمن في التوزيع داخل القطاع.

" لا مجاعة لكن الظروف لا تزال كارثية "
تضم مبادرة التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي 21 من منظمات الإغاثة والمنظمات التابعة للأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية، وتحصل على تمويل من الاتحاد الأوروبي وألمانيا وبريطانيا وكندا.
وأكدت المبادرة حدوث خمس مجاعات خلال 15 عاما ماضية، مجاعة في الصومال عام 2011 واثنتان في جنوب السودان في عامي 2017 و2020 وأخرى في السودان في 2024، ومجاعة في غزة في أغسطس آب.

ولا تُصنف منطقة ما على أنها تعاني من المجاعة إلا عندما يعاني ما لا يقل عن 20 بالمئة من السكان من نقص حاد في الغذاء ويعاني واحد من بين كل ثلاثة أطفال من سوء التغذية الحاد ويتوفى شخصان من بين كل 10 آلاف يوميا بسبب الجوع أو سوء التغذية والمرض.
وذكر التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي اليوم الجمعة أنه "لا توجد مناطق مصنفة ضمن مناطق المجاعة". وأضاف "لا يزال الوضع هشا للغاية ويعتمد على استمرار وتوسيع نطاق وصول المساعدات الإنسانية والتجارية بشكل منتظم".

وحتى لو لم تُصنف منطقة ما على أنها تعاني من المجاعة لعدم تحقق هذه الشروط فإن التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي يمكنه تحديد أن الأسر تعاني من ظروف كارثية، والتي يصفها بأنها نقص حاد في الغذاء وجوع وزيادة كبيرة في مخاطر سوء التغذية الحاد والوفاة.

وقال التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي اليوم الجمعة إن أكثر من 100 ألف شخص في غزة يعانون من ظروف كارثية، لكنه توقع أن ينخفض هذا الرقم إلى نحو 1900 شخص بحلول أبريل نيسان 2026. وأضاف أن قطاع غزة بأكمله مصنف في مرحلة طوارئ، وهي المرحلة السابقة مباشرة لمستوى الظروف الكارثية.

أطفال يعانون سوء التغذية
قال التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي إن من المتوقع على مدى العام المقبل أن يعاني ما يقرب من 101 ألف طفل في أنحاء قطاع غزة تتراوح أعمارهم بين ستة شهور و59 شهرا سوء التغذية الحاد وأن يكونوا باحتياج إلى العلاج، مع وجود أكثر من 31 ألف حالة خطيرة.
وأضاف التقرير "خلال الفترة نفسها، ستواجه 37 ألف امرأة حامل ومرضعة سوء تغذية حاد وستحتاج إلى العلاج".

وفي مجمع ناصر الطبي بجنوب غزة، يخشى الأطباء على الطفلة أرجوان الدهيني (أربعة أعوام) والطفل ياسر عرفات (ستة أعوام). وقال الطبيب أحمد الفرا إن كلا الطفلين يعانيان من حالة حرجة بسبب شدة درجة سوء التغذية الحاد، وهي أخطر مراحل الجوع.

وقالت حنين، والدة أرجوان، إن ابنتها لم تكن مريضة قبل الحرب، وإنما كانت تمشي وتلعب مع أشقائها. وأضافت حنين أنه مع معاناة الأسرة في البحث عن الطعام، توقفت أرجوان عن المشي والنمو، وفقدت نحو نصف وزنها.
وأضافت "أنا كمان جوزي إيده بتر من عندي الدراع، وما علينا أي دخل ولا أي حد يعني بتجيبلنا إشي. فكيف أنا بدي أوفر لأرجوان اشتري وأجيب إلها رعاية مثلا".

وذكر الطبيب الفرا أن شقيق الطفل عرفات توفي بالفعل بسبب سوء التغذية وأن والده مريض ويعاني من سوء التغذية أيضا.
وقالت والدة الطفل، وتدعى إيمان، إن الأسرة لم تتمكن من شراء البيض أو غيره من الأطعمة الغنية بالبروتين. وأضافت أن ابنها عرفات "قليل الحركة، يعني بتحركش كتير، ولا بجري ولا بلعب يعني زي الصغار بيجرو، وبعدين الطول عنده بيضل زي ما هو قصير لا بيطول ولا إشي".

وقال مدير مستشفى الشفاء في غزة محمد أبو سلمية إن الأطباء لاحظوا تحسنا لكن سوء التغذية لا يزال منتشرا على نطاق واسع. وأضاف أنه من بين 6000 طفل خضعوا للفحص من قبل وزارة الصحة، تبين أن حوالي 1000 طفل يعانون من سوء التغذية وأن 100 منهم بحاجة إلى دخول المستشفى.

وأضاف "سوء التغذية ما زال يؤثر على الأطفال والنساء الحوامل وكبار السن" مشيرا إلى نقص المواد الغذائية الغنية بالبروتين والدهون بأسعار معقولة. وأوضح أن الكثير من الأطفال يولدون في غزة وهم يعانون من سوء الحالة الصحية، مما يثير مخاوف طويلة الأمد بشأن مستقبلهم.

تحديات المساعدات لا تزال قائمة
قال أنطوان رينارد كبير مسؤولي برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة في غزة والضفة الغربية إن هناك دلائل على تحسن وضع الجوع المتردي في غزة.
وقال للصحفيين أمس الخميس "تناول معظم السكان وجبتين في اليوم يمثل في الواقع علامة واضحة على أننا نشهد بالفعل بعض التراجع".
ومع ذلك، قال إن هناك "صراعا مستمرا" للحصول على وصول سلس إلى غزة على نطاق واسع وبسرعة مشيرا إلى أن الشاحنات الإنسانية والتجارية تواجه ازدحاما عند المعابر الحدودية.

كما حذرت الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يوم الأربعاء من أن العمليات الإنسانية في غزة معرضة لخطر الانهيار إذا لم تقم إسرائيل بإزالة العقبات التي تشمل عملية تسجيل "غامضة وتعسفية ومسيسة للغاية".

وقال جوتيريش أمس الجمعة "نحن بحاجة إلى أن يكون وقف إطلاق نار دائما بالفعل. نحتاج إلى (فتح) المزيد من المعابر ورفع القيود المفروضة على السلع الأساسية وإزالة التعقيدات الإدارية وتوفير طرق آمنة داخل غزة واستمرار التمويل وضمان الوصول دون عوائق".

وقال بوب كيتشن نائب رئيس لجنة الإنقاذ الدولية لشؤون الطوارئ في بيان "لا يزال الجوع في غزة عند مستويات كارثية، ولا تزال الأسر تكافح من أجل الحصول على غذاء كاف وغني بالقيمة الغذائية. ومن دون وصول سريع وسلس وواسع النطاق للمساعدات الغذائية، سيعود خطر المجاعة والوفيات التي يمكن تجنبها سريعا".

ونبهت اللجنة إلى ضرورة عدم تفسير التقدم المحرز على أنه "علامة على انتهاء الأزمة".

 (Photo by Abed Rahim Khatib/Anadolu via Getty Images)