‘قطرة ماء… سرّ الحياة ومعجزة الخلق‘ - بقلم: سليم السعدي
من بين كلّ أسرار الكون التي أودعها الخالق في هذا الوجود، تبقى قطرة الماء أعظمها رمزًا وأعمقها دلالة. تلك القطرة الصغيرة التي تغمر الأرض حياة، وتبعث في الإنسان والزرع والهواء روحًا جديدة،
سليم السعدي - صورة شخصية
ليست حدثًا عابرًا ولا ظاهرة كيميائية بسيطة؛ بل هي توقيع إلهي لا يدركه إلا من تفكّر في حكمة الخلق.
فعلى الرغم من التطور العلمي الهائل، ورحلات الإنسان إلى الفضاء، وغوصه في أسرار الذرّة، يبقى عاجزًا أمام أبسط معجزة في الطبيعة: صنع قطرة ماء. فاندماج الهيدروجين بالأوكسجين، على الرغم من بساطة تركيبهما الظاهرية، يحتاج إلى حرارة تتجاوز 3000 فهرنهايت، أي إلى طاقة تفوق قدرة البشر، ولو حاول الإنسان تقليد هذا الاندماج خارج شروط الطبيعة الإلهية، لتحوّل الأمر إلى انفجار مدمّر يبتلع ما حوله.
وهنا تتجلّى الحقيقة:
الخالق وحده هو الذي يُخضع العناصر، ويوزنها بميزان الدقة المطلقة، ويجمع بينها لتنشأ الماء بلا ضجيج ولا كارثة، كأنها ولادة هادئة تملأ الأرض رحمة وحياة.
بين العلم والغرور… أين يقف الإنسان؟
لقد أغرى العلمُ بعض البشر بالاعتقاد أنهم قادرون على تحدّي قوانين الكون، بل تجاوزها أحيانًا. لكنّ الإنسان، مهما ظنّ أنه بلغ القمة، يبقى أمام القدرة الإلهية مجرد رقم صغير في سلسلة طويلة من الأصفار.
فالسماء التي يحاول قياسها، والأرض التي يحاول فهمها، والبحار التي يسبح فيها بحثًا عن المعرفة، كلها شاهدة على ضعفه، وتذكّره بأن العلم الذي يمتلكه ليس سوى نافذة صغيرة فتحها الله له كي يتدبر ويتفكر، لا كي يتكبر ويطغى.
والإيمان الحقيقي لا يتناقض مع العلم، بل يُهذّبه. ولكن حين يتحوّل العلم إلى غرور، يصبح الإنسان كمن يرفع رأسه شبرًا فوق ما يطيق، فيسقط سريعًا تحت ثقل جهله.
الماء… درس في التواضع
قطرة الماء تعلمنا ما لم تعلّمه الجامعات: تعلمنا أن التوازن لا يصنعه الإنسان، بل يصنعه الخالق. وأن الحياة تُبنى على قانون واحد: الرحمة الإلهية التي تنساب في الوديان، وتتساقط من السحاب، وتتدفق من باطن الأرض.
وليس عبثًا أن جعل الله من الماء كل شيء حيّ؛ فهو الأصل الذي نعود إليه حين نبحث عن معنى الوجود. وكلما ازداد الإنسان علمًا، ازدادت حاجته إلى أن ينظر إلى هذه القطرة بعين الامتنان، لا بعين الاستعلاء.
حين يغضب الخالق… لا وزن للبشر
إنّ أعظم ما ينساه الإنسان حين يتباهى بعلمه، هو أنه مخلوق ضعيف منذ ولادته وحتى آخر أنفاسه. فإذا شاء الخالق أن يبدّل حاله، أزال عنه أسباب القوة كلها، ليعود إلى أصله:
عبدٌ ضعيف، قائم برحمة الله لا بقدرته. ولذلك، يبقى واجب الإنسان أن يخضع لإرادة الله، وأن يخشع لعظمته، وأن يوقن أنّ أمنه واستقراره ووجوده كله مرهون بإرادة من خلقه ورزقه، لا بإرادة علمٍ أو قوةٍ أو سلطان.
من هنا وهناك
-
‘التهجير الصامت : الاحتلال يبتكر أساليب جديدة لتهجير الغزيين‘ - بقلم: د. حسين الديك
-
مقال: بين السلاح وإعادة الإعمار: الغزيون يطالبون بالحياة أولاً - بقلم: الصحافية لارا احمد
-
‘الاستشراق الرقمي: كيف تصنع وسائل الإعلام الغربية شرقاً جديداً ؟‘ بقلم: الدكتور حسن العاصي
-
‘ تشريعات المرور بينَ الحَلْبِ والكسب وغياب العدالة ‘ - بقلم : المحامي عماد زايد
-
مقال: ‘المشتركة بين الشعبيّة والشعبويّة والشعب يريد! ‘ - بقلم : المحامي سعيد نفّاع
-
طلال أبوغزالة يكتب: وقف إطلاق نار أم اتفاق سلام؟ أم شيء آخر!
-
‘ العقل العاطفي بين الخالق والمخلوق وتجليّاته في الإنسان والحيوان ‘ - بقلم: سليم السعدي
-
عضو الكنيست د. سمير بن سعيد يكتب في بانيت: لماذا المشتركة الرباعية؟
-
‘المعتقدات التي نحملها منذ الطفولة… كيف تستمر في إدارة محفظتنا المالية؟‘ - بقلم : دينا حسن نجم
-
مقال: هل تُعدّ الخنازير البرّية في حيفا مشكلة تخصّ الأغنياء فقط؟ بقلم : مَتان لاؤور - زاڤيت





أرسل خبرا